الثلاثاء، 12 مايو 2009

الكاتب علاء الدين المدرس/2/


بارك الله في جهدك الحثيث والجاد من أجل ثقافة هادفة
ووعي حضاري بواقع الأمة وما تمر به من تحديات
لقد كتبت لك تعقيباً على المقال الثاني وأتمنى أن اسمع تعقيبك على التعقيبين
لعلي أفرطت في تصوير حالة الشر والظلم المستشري والتآمر، المحيطة بنا
الى درجة أن أتهم بمعاداة الغرب وبرنامجه الاستعماري التسلطي
وبنظرية المؤامرة التي تضخم أحيانا لتشمل كل من يعادي البرنامج المعد لتكبيلنا
والتي تستخدم عادة كعذر وتهمة جاهزة للتشكيك بمن يحاول فضح النوايا الاستعمارية
ومحاولات الغزو الفكري والثقافي الغربي بجناحيه التوراتي والاغريقي المادي.
التاريخ والسياسة ليست مؤامرة مدبرة، ولكن التآمر موجود فيهما وهناك فرق بين الفكرتين.
المهم أحب أن أسمع رأيك في موضوعة الانحياز لأي المعسكرين
معسكر العدل والحق ومعسكر الظلم والباطل.. منذ عصر هابيل وقابيل والى اليوم.
مع الود
ابو عامر/الكاتب علاء الدين المدرس
Ala Almudarris"
تعقيب على مقال: مجموعة العمل
أن أشرف الأماني وأنبل الغايات والأهداف التي نرجوها ونعمل من أجلها – من وجهة نظري المتواضعة - هو اكتشاف السبيل الأصوب للاحساس بالجمال والسعادة الحقة، التي افتقدها الكثير من الناس اليوم، لاسيما من غرق في بحار المادة وبعدها القاصر وتاه في مسالك الدوران حول الذات وثقافة البحث عن الملذات والغرائز، ومن أصيب بفتنة العصبية والعنصرية أو مسخ في مستنقع الرقمية واللاانتمائية البهيمية، وهم – للأسف - يشكلون النسبة الاعظم في عصر العولمة الذي نشهده، رغم ما فيه من انقلاب معرفي كوني وثورة كبرى في تقنية المعلومات والاتصالات.
ولعلي أزعم بأني أضع يدي على الجرح النازف لكل انسان حر يعاني اليوم من وطئ الظرف القاسي من جهتيه المادية والمعنوية، وأقول ان خير بلسم لكل مشاعر البؤس والقهر والاحباط والظلم هي الكلمة المضيئة. الكلمة التي كانت هي البداية في حضارة الانسان منذ عصر أبينا آدم، وبمعنى أعم الثقافة الهادفة والكلمة الطيبة التي تنير الطريق للأجيال وتعالج الفتن والأزمات، ولعل آخرها افرازات التأزم العولمي بعد الحروب والصراعات الكبرى التي ميزت القرن الماضي. تلك الفتن المظلمة والأزمات الخانقة التي نكاد اليوم أن نغرق فيها. ولا شك أن الكلمة ستكون سلاحاً ماضياً وقدراً فاعلاً في يد مجموعة العمل المقترحة، اذا ما توفرت لها الرؤية والرسالة والهدف الأكبر الذي تبغي تحقيقه، والا اتهمت تلك المجموعة الخيرة، بالعبثيّة والسفسطة واللاأدريّة والترفيّة، وأصبحت الثقافة التي نبشّر بها ونرفع لافتاتها، هي ثقافة من أجل الثقافة ليس الا، وليس في ذلك أي ميزة تميزنا وقدرة حقيقية تدفعنا للتغيير الإيجابي وكذلك تلهب فينا صفة الاحساس بالجمال والسعادة والثقة بالمستقبل، وأداء الدور المنتظر لذلك التغيير وانضاج الوعي الثقافي ومعرفة الحقوق والواجبات والمطالبة بكل حق مسلوب.
نعم يا صديقي كما قلت لك، لا ينبغي أن تكون مثالياً وتغرق في الخيالية، وتتصور أن البشرية هي كائنٌ حي واحد ومعسكرٌ واحد.. ولذلك لابد أن تنتمي تلك المجموعة الخيرة التي تريد أن تشمّر سواعد العمل الجاد - في نظري - الى الرؤية الصادقة والرسالة الخالدة والأهداف النبيلة، في مقابل الرؤية الضيقة المتغطرسة والرسالة الخاصة المنحازة والأهداف الشريرة التي تبرر الوسائل القذرة والتجاوز على حقوق الأفراد والأمم، والتي تسعى لتطبيق استراتيجيتها بالاستعانة بقانون القوة وشريعة الغاب، وتحاول نشر نفوذها وسطوتها على الأرض وفق فلسفة القوة الغاشمة والاستحواذ والهيمنة، مستثمرة بريق الحداثة والعلمنة والعولمة الأخاذ.
فاذا ما اتفقت تلك المجموعة - بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق - على الانتماء الى الحق والعدل والجمال والأخلاق النبيلة، فيمكن أن تقدم شيئاً جديداً وحلاً ناجعاً للبشرية وما تعانيه من ظلم وجور وعدوان، بعدما أصبحت اليوم الإمكانات التقنية الهائلة متاحة للجميع، فليس من الحكمة أن يترك الاعلام وماكنته العملاقة وسلطته الشاملة بيد قوى الشر والاحتكار، ولا أن تترك الموارد والقدرات البشرية والطبيعية، بدءاً من الطفل في يومه الأول، ومن أول برميل من النفط يسرق (على عينك يا تاجر) وأمام أعين أصحابه ومالكيه من الشعوب المستضعفة المنهوبة في شرقنا الجريح، بيد طغمة تريليونية ظالمة تقوم على النهب وأكل السحت والربا..
لا يستقيم الحال مع كل تلك المآسي التي نراها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعاصرة، أن تطلب منا في نهاية المطاف، أن نتحدث بمنطق صاحب الحق الضعيف الواهن، وجعل الخطاب الاعلامي يغلب عليه استرضاء الطغاة الظالمين لكي يعطفوا على المستضعفين المظلومين، وكذلك الكلام بطريقة ملائكية مسالمة وسلبية، مستسلمين للثعالب والأفاعي والعقارب والذئاب، تنهش لحم الأيتام والأرامل والمستضعفين، وندعي بعدها بأننا يمكن أن نكون حماة الديار والأوطان والمستضعفين في الأرض. ينبغي أن يكون شعارنا: لست بالخب ولا الخب يغلبني.
انها ليست دعوة للتمرد والثورة المسلحة على الظلم والظالمين والغَدَرَة، الذين يقتلون الناس على الهوية والاسم والعرق والدين، ويشكّلون فرق الموت والعمليات القذرة، ويصنعون الجريمة المنظمة بكل أشكالها العفنة الآثمة، التي كادت أن تزكم أنوفنا منذ شهدنا أولى سني القرن الحالي والألفية الجديدة، ولكنها دعوة صادقة لاكتشاف الذات والعقل الجمعي، وما نملكه من ثقافة مشتركة وتراث زاخر ومتراكم، لقوى الخير والعدل والحرية عبر التاريخ، والعودة بنا للثوابت الأخلاقية والفطرة السوية، والاحساس بالدور الانساني الفاعل على الأرض، لكي تقاوم بكل السبل والوسائل المتاحة، تلك الهجمة الشرسة على الانسان من قبل أخيه الانسان، والتي استعرت وتزايدت وتيرتها منذ مطلع القرن الحالي، ولا زال أوارها في استعار، حين ذاك فقط يمكن أن تتشكل مجموعة العمل المتماسكة في الرؤية والرسالة والأهداف، يربطها الاحساس بالجمال الحقيقي وكمّ المشتركات الذي يؤطر وجودها، وكمّ المعانات والمخاطر الذي يحيق بها ويحيط بحياتها المعاصرة من كل صوب.
لقد يسر الله لي في الغربة وما قبلها في السنين الأخيرة، أن كتبت كتباً عديدة في هذا الميدان الهام، بغية توحيد الجهود وايجاد فريق العمل المتكامل والمنتظر، وحاولت فيها أن أجسّد تلك المباديء والقواعد والمعايير، التي قد تساهم في خلق مجموعة العمل المقترحة، وربما تصلح أن تكون جزءاً من ورقة عمل عامة للمجموعة المقترحة. تؤطر لها الاستراتيجية والآليات وأهم المشتركات التي تجمع العاملين، وكذلك تعمل على خلق روح فريق العمل الذي افتقدناه، بينما هي – أي روح فريق العمل - أهم ما يميز خصومنا في المعسكر الآخر. كل ذلك قد تم صياغته أو محاولة استلهامه، وفق منهجية الوحدة والتوحيد وتحالف الحضارات (أو منتدى الحضارات) والنظرة الوسطية والدعوة للالتفاف حول المشتركات الفكرية في التراث والتاريخ البشري، ومن تلك العناوين التي أعتز بها وأضعها بين يدي فريق العمل، والتي نشرت مؤخراً:
1- لافتات مضيئة في عصر العولمة، مجلد في 600 صفحة ط. عمان 2009م.
2- القرآن يقوم وحده.. مجموعة قصص عن اسلام عظماء الغرب 2009م.
3- عولمة اللغة والتاريخ، مجلد في 400 صفحة، ط. عمان 2008م.
4- الانتماء الحضاري والهوية الثقافية أو الاسلام العربي، ط. دمشق 2008م.
5- النسب والمصاهرة بين أهل البيت والصحابة، ط. بغداد، عمان، الدوحة، القاهرة.
6- الوسطية والاعتدال في التراث والتاريخ الاسلامي، 600 ص ط. دمشق 2009م.
7- ثقافة الوسط، بحوث في التاريخ والحضارة والتراث، مجلد500 ص، ط. عمان.
الكاتب علاء الدين المدرس

ليست هناك تعليقات: