الثلاثاء، 12 مايو 2009

الكاتب علاء الدين المدرس




الأخ الحبيب أبو عمار رعاه الله
الأمين العام لمنظمة أين حقي المحترمة

قرأت مقالكم الكريم وكتبت لكم تعقيبا عليه
مرفق التعقيب ومقال عن حضارة واسب كنت قد كتبته قبل شهرين تقريبا
أرجو أن يعجبكم وأنت مخول أن تنشر ما تراه مفيدا في الصحف العراقية
أو في مدونة منظمة أين حقي الكريمة
.
الكاتب علاء الدين المدرس
Ala Almudarris" alamudars@yahoo.com
تعقيب على مقال: مقدمة للمناقشة
للكاتب أحمد محمد أحمد الأمين العام لمنظمة أين حقي

لقد وضع مقال مقدمة للمناقشة النقاط على الحروف الذهبية والمضيئة، لاستنهاض الهمم للدفاع عن الانسان المستضعف في الأرض، ومحاولة اعادة حقوقه الطبيعية اليه، بعدما تجاوز عليها الطغاة والظلمة وأكلة السحت منذ فجر التاريخ وحتى الساعة، وفي كل الأرض دون أن نستثني بلداً أو سلطة أو شريعة وقانون.
ونحن اذ عرفنا الكاتب وجمعيته النبيلة منذ سنين طويلة ثابتاً على العهد في دفاعه عن المستضعفين والمطالبة باستعادة حقوقهم، وقرأنا المقال المذكور أدناه، نشد على عضده ونؤكد مطالبه الشرعية والأخلاقية والقانونية، والتي تشمل الأغلبية الصامتة من المجتمعات البشرية على ظهر البسيطة، ومنها المجتمع العربي، الذي ما زال يئن تحت نير الظلم والتخلف والحقوق السلوبة منذ قرون عديدة، وتحديداً بعد أن غُلِبَ على أمره ونحيت قيادته للحضارة وهمشت راية القرآن وحضارته، التي طالما دعت لنشر العدل والحق والخير والسلام، بدل راية الظلم والسحت والتزييف والاستعمار وأكل حقوق الانسان (أي انسان على كل بقعة من الأرض) وفق منهجية حضارة الشيطان الميكافيلية البراكماتية المادية التي سار عليها الغرب المنحاز منذ عصر النهضة قبل خمسة قرون وحتى الآن.
والملاحظة الوحيدة التي بودي أن الفت نظر كاتب المقال اليها، هي ضرورة أن نميز بين ثقافتين، حين نطالب باستعادة حقوق الأغلبية الصامتة للانسان على الأرض، تلك الأغلبية المغلوبة على أمرها، والمنهوكة والمستنزفة في البحث عن رغيف الخبز في اطار العزة والكرامة التي شرفها الله بها حين كرم بني آدم كافة بالارادة والحرية والعيش الكريم. تلك الفئة المظلومة والتي تشكل الأكثرية بين بني البشر، كانت غالباً مقنعة ومكفوفة الأعين عما يدبر لها في الظلام من سياسات وخطط خبيثة ومستغلة ومؤامرات دفينة ، للاستيلاء على حقوقها الطبيعية للعيش بكرامة وعز وتوفير القدرة الذاتية على بناء الجيل وصيانته من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والبتبعية والاستضعاف، فيما يمثل الحد الأدنى للحاجة البشرية من الثروة الهائلة التي تكتنزها أرضنا الحبيبة. تلك هي الطغمة الترليونية العابرة للقارات في بنيانها العملاق الذي أسسته العقول المستغلة والمستعمرة للأرض وما فيها، بمختلف وسائل التجهيل والدجل واستغلال المال والاعلام وتسخير ملف المرأة المسلعة، لتشكيل العقل البشري الجمعي بما يتوافق مع الهيكلية الرأسمالية الامبريالية، التي تخدم مصالح فئة محدودة من الناس من أصحاب المليارات والذهب الأصفر والأسود، مما أدى بالنتيجة وبعد عقود من الظلم والاستغلال وتجمع تداول المال في أيدي تلك الحفنة الظالمة المهيمنة في حضارة واسب الغربيةWASB (أي حضارة الرجل الأبيض الأنكلوسكسوني البروتستاني الذي يطمع بقيادة العالم والهيمنة على مقدرات الأرض باسم العولمة المادية والأمركة المنحازة).
أقول علينا أن نقف في ظل احدى الثقافتين – انتماءا وتصورا - لكي نعلم على أي أرض نحن ولكي نطالب بحق بحقوق الانسان المستضعف المستنزف، ولكي نعبئ هؤلاء الناس ليقولوا بقوة وعزم: أين حقي؟.. لكل ذلك لابد أن نفرق بين ثقافتين وعالمين:
ثقافة النور وثقافة الظلام أو ثقافة الحق وثقافة الباطل.
ثقافة التوافق والانسجام مع الطبيعة المسخرة لنا وبين ثقافة الصراع مع الطبيعة والسيطرة عليها.
ثقافة حوار الحضارات وتحالفها وتعارفها، وبين ثقافة صدام الحضارت التي جاء بها صموئيل هنتكتون في كتابه الشهير (صدام الحضارات).
ثقافة السلام والسكينة مع كل ما حولنا من عوالم ودول وتيارات وأمم، وبين ثقافة الحرب والتدمير للآخر مهما كان نوعه وجنسه وثقافته.
ثقافة منتدى الحضارات وتفاعلها وثقافة وحدة الحضارة والتاريخ البشري المتراكم منذ فجر التاريخ الانساني، وبين ثقافة نهاية التاريخ وفرض الأمركة والعولمة المادية التي قال بها فرنسيس فوكوياما في كتابه ( نهاية التاريخ).
ثقافة العودة للفطرة السوية والطبيعة المسخرة، وبين ثقافة الفوضى الخلاقة التي قال بها بريجنسكي وكوندا ليسا رايس وغيرهما.
ثقافة العلم والايمان والأخوة والتسامح والصدق والاعلام الهادف العفيف، وبين ثقافة الغاية تبرر الواسطة والنفاق السياسي والتجاري الذي جاء به ميكافيلي وماركس ودور كايم وفرويد، وكانوا بناة العقل الغربي الحديث، وكذلك الاعلام الهابط المفسد والذي يسلع المرأة ويدعو للمتاجرة بجسدها وبغرائز الانسان، ليمسخ الفطرة والقلب والعقل، كما قال المفكر الاسلامي د. علي شريعتي: ثلاثة تمسخ الانسان: الفقر والجهل والنفعية، وكذلك الاعلام المسيس الموجه لخدمة حضارة واسب الظلامية المغرورة المتغطرسة، التي تجهّل الانسان بحقه في الحياة والكرامة وتوزيع الثروة وفق مبدأ العدالة الاجتماعية، التي تدعو لها كافة الشرائع والأديان والحضارات الانسانية المشرقة.
ينبغي –اذن- أن نميز بين حضارة واسب الغربية المادية وما ولّدت من كوارث وحروب وصراعات مدمرة، رغم التقدم العلمي والتقني الذي صاحبها، والذي ورثته من الحضارات البشرية السابقة، كحضارة الأندلس وبغداد ومصر وبابل، وما ورثته البشرية من حكمة الصين والهند، وبين حضارة العدل والخير والحرية الحقة، حضارة القرآن، التي أراد الله لها أن تكون الرسالة الخاتمة لترشد الانسان الى سبيل العلم والايمان واستخلاف الأرض واكتشاف مكنوناتها وتوزيع ثرواتها وفق ميزان العدل الذي لا يحيد ولا ينحاز. والذي يأمر بالقسط والعدل بين كل البشر، فلا يمتاز الشريف عن الوضيع ولا الغني عن الفقير، فيحارب الفساد والظلم والسرقة والتزييف وأكل المال بالباطل وكل مظهر من مظاهر الفساد التي شاعت في حضارة اليوم، بينما أرسى الله ورسوله قواعد العدل والحق وكفالة اليتيم والفقير والمسكين قبل أربعة عشر قرنا من الزمان. قال تعالى: ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.
وقال نبي الهدى والرحمة المهداة، حين علم بأن ربيبه أسامة يشفع لسارق من أشراف قريش: أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟.. والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها.
هكذا يتضح الأمر ونعلم كيف ندافع عن حقوقنا وعن دورنا الانساني الذي شرفنا الله سبحانه به، لنكون خلائف في الأرض وسخر لنا كل ما في الكون، لينظر كيف نتصرف في ملك الله ونعمه وثرواته، بالحق أم بالباطل..
حين ذاك سيدرك كل انسان دوره وحقه ويصيح بوجه الظالم: أين حقي؟..
الكاتب علاء الدين المدرس
11/ 5/ 2009م

ليست هناك تعليقات: