الأربعاء، 23 سبتمبر 2009

الصفحة الثانية




هل نحن أمة واحدة؟


أحمد محمد أحمد

اختلفت النخب الفكرية والعلمية حول تعريف معنى الأمة وحول عناصر وجودها ومقومات بنائها، فمنهم من اعتبر الأمة نسبا عرقيا وان تعددت الألسن والألوان، ومنهم من اعتبر اللغة أساس وجود الأمم وان تباعدت أماكن الوجود والاستيطان، ومنهم من كان أكثر تحررا من عقدة اللغة واللسان والنسب، واعتبر أن العيش المشترك في منطقة جغرافية واحدة، ذات إرث ثقافي جامع يصلح لأن يكون أساسا تبنى عليه الأمم مهما اختلفت الألسنة والألوان والأنساب، أما رجال الدين فقد أجمعوا على اعتبار أتباعهم امة واحدة.
وأمام هذه الاختلافات في التعاريف الفكرية والفلسفية، برهن أصحاب العلوم الإنسانية الحديثة على أن أبناء الجنس البشري كافة يحملون نفس المواصفات البايلوجية، على الرغم من تميز كل فرد منهم عن غيره في بصمة الإبهام وفي التصرفات الفردية، التي تعود إلى البيئة الجغرافية والموروث الثقافي لكل مجموعة بشرية محددة، كما اتفق أصحاب الاختصاصات العلمية كافة على أن أبناء الجنس البشري كافة يختلفون عن سائر الكائنات الحية التي انقرضت أو تلك التي لا تزال تعيش على هذا الكوكب الأرضي، فهم جنس واع مدرك خلاق، ولا يصل إلى مستواهم العقلي والمعرفي أي جنس من الأجناس!
فإذا كانت الإنسانية الواحدة حقيقة موجودة على الأرض، ولا ينكر وجودها عاقل، فإن وعيها لذاتها وقدرتها على تنظيم وجودها وإشاعة العدل والمساواة بين أفرادها هو الذي تأخر ظهوره..القضية إذن قضية تسمية، إذ لا خلاف على أننا جنس واحد، لكن الخلاف على أن نكون أمة واحدة أو أمما شتى، الخلاف على الإرادة والوعي!
الإرادة والوعي يدل عليهما وجود نداءين يترددان في نفس كل فرد من أبناء هذا الجنس الواحد...أحدهما مصدره السماء وثانيهما مصدره الأرض:
أ- نداء السماءكان الخطاب الديني الذي جاءت به الرسالات السماوية أول خطاب تعامل مع أبناء الجنس البشري على أنهم أمة واحدة، وينتسبون إلى أب واحد وأم واحدة، وأنهم، مع اختلاف أنسابهم وأعراقهم وألوانهم، متساوون في الحقوق والواجبات أمام الخالق في الآخرة وأمام الشرائع السماوية المطلوب تطبيقها على الأرض.
إلا أن أتباع هذه الرسالات السماوية حرفوا مفاهيمها وقيمها الإنسانية الرفيعة فيما بعد، وجعلوا من أنفسهم أمة مفضلة على غيرها من الأمم والشعوب، وأوجبوا على أنفسهم وأتباعهم حكم العالم والسيطرة عليه و(هدايته) إلى طريقهم الصحيح بكل وسيلة ممكنة، حتى لو تناقضت مع أصل الرسالة السماوية ونبل أهدافها، فمنهم من أغلق (أصلا) باب رسالته على سلالته، وجعلها ملكا صرفا لها لا يجوز الاقتراب منه، كاليهود الذين أدعوا أنهم شعب الله المختار، وأنهم أمة فوق الأمم والشعوب الأخرى، وان الله أعطاهم صلاحيات وامتيازات في الأرض والسماء!
ومنهم من حرق العلماء والمفكرين المتنورين من أبناء الإنسان باسم السماء، كرهبان الكنيسة المسيحية، الذين حشدوا تحت راية الصليب كل الدموية والعدوانية، وقمعوا باسم يسوع المسيح كل فكرة علمية تحررية، بينما اجتزأ العرب والمسلمون من قرآنهم الآيات التي تناسبهم ليقولوا أنهم خير أمة أخرجت للناس، متناسين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإشاعة السلام والعدل وحرية الإنسان (خليفة الله في الأرض)!
بل إن اللاحقين، من أصحاب هذه الرسالات السماوية، تمذهبوا في مدارس واتجاهات تأويلية شتى، ابتعدت كثيرا عن أصل هذه الرسالات وخطابها الإنساني، وأسسوا مرجعيات متناقضة داخل كل مدرسة ومذهب تكفر إحداهما الأخرى، وتدعي أنها الفرقة الناجية، والباقي إلى جهنم وبئس المصير، مما أفقد هذا الخطاب بريقه الإنساني، وحال دونه ودون قيادة وعي الأمة الإنسانية لذاتها أو محاولة تأسيس خلافة الإنسان لخالقه العادل على الأرض.
ب- نداء الأرضإذا كان نداء السماء قد تلاشى على أيدي أصحاب الرسالات السماوية أنفسهم، كما ذكرنا آنفا، فإن نداء آخر انبعث من داخل الفكر الإنساني الأرضي، اتخذ مسارات شتى وظهر في أزمان مختلفة، وأماكن متفرقة من الكوكب الأرضي، وهو إن دلل على شيء فإنما يدلل على نوع من الوعي الذاتي لبعض مفكري وفلاسفة أبناء هذا الجنس لأمتهم الإنسانية الكبيرة.
ومع أن نداء السماء حصر فيما يسمى اليوم بمنطقة (الشرق الأوسط)، وفي فترة زمنية محدودة لا تزيد كثيرا عن قرن(قبل وبعد ميلاد المسيح)، فإن نداء الأرض انطلق قبل الديانات السماوية من وادي الرافدين والنيل وحضارات الهند والصين والرومان واليونان، واستمر متفاعلا مع نداءات السماء إلى يومنا هذا.
فأفكار كونفوسيوش الصيني الشرقي الأممية وجمهورية أفلاطون الأوربي الغربي العالمية تفاعلت مع نداءات السماء في نفس وفكر الفارابي العربي المسلم وتجسدت في مدينته الفاضلة، كما تفاعلت (يوتيبيا) توماس مور المسيحي مع أفكار ارلوند توينبي الملحد لتنتج دعوة الأخير للحكومة الكونية.
النداءات السماوية والأرضية تدل على شعور متفاوت بوحدة هذه الأمة الإنسانية، وتتخطى حواجز الزمان والمكان واللغة والعرق والدين، وإذا كانت كلها لم تستطع ترسيخ وحدة هذه الأمة الإنسانية، فإن مسيرة تطور هذه الأمة، وما وصلت إليه من منجزات علمية وتقنية تدفع شعور الوعي بالذات إلى الواجهة، فمع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحالي شهدت هذه الأمة طفرة نوعية لم تكن تخطر ببال أحد..
بالأمس القريب كان الرئيس الأمريكي (أوباما) يلقي خطابه الموجه إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة، وكان المترجمون يترجمون خطابه إلى لغات العالم أجمع، وكانت مراكز الأبحاث والدراسات في العالم تعكف على دراسة ذلك الخطاب ومدلولاته وما يمكن أن يقرأ بين السطور من تأويلات..كانت الأمة الإنسانية تتابع أوباما حرفا حرفا، وكل واحد في بيته، يشرب الشاي أو القهوة بطريقته وأسلوبه..هل حدث مثل هذا في الماضي، وهل سيحدث ما هو أشمل من ذلك وأعمق أثرا؟
نحن نقول أجل..كل ما حولنا يشير إلى التقارب والتكامل المطلوب والمفروض علينا شئنا أم أبينا! وها هو رئيس أقوى وأكبر دولة في العالم (الرئيس الأمريكي) يضرب في خطابه الطروحات والأفكار التي أتى بها هنتنغتون في (صدام الحضارات) عرض الحائط، ويتحدث إلى أبناء الجنس البشري كافة كإخوة وأبناء عم، وكأنه يبشر بحقبة جديدة من وعي لذات الأمة الإنسانية التائهة!

الجمعة، 19 يونيو 2009

الفنان مؤيد محسن...طريق الجنس البشري

الفنان مؤيد محسن...طريق الجنس البشري



الفنان مؤيد محسن...طريق الجنس البشري








http://interncontract.blogspot.com/

http://aynahakke.maktoobblog.com/

آراء..وحوارات


الاثنين، 1 يونيو 2009

آراء..وحوارات


http://interncontract.blogspot.com/

http://aynahakke.maktoobblog.com/




الرؤيا الآن..على سطح كرتنا الأرضية المستباحة

كامل الابيض
كاتب وإعلامي عراقي



تشير سمة الشرط الإنساني إلى التأكيد على أن البشر يولدون متساوين، وهذا يعني ضمنا توزيع الثروات الطبيعية والفرص الإجتماعية والسلطات السياسية وفق مبادئ المساواة والعدالة والإخاء، رغم أن الإخاء بين أبناء الجنس البشري ليس أوتوماتيكيا ولا يخلو من الصراعات، فالعلاقة بين الإخوة تنطوي على خصومة كبيرة وعطف كبير قي الوقت ذاته، وهو يفترض لجم الدوافع العدوانية حيال الإخوة وضبطها بقيم مشتركة ومشاعر ايجابية.
ان فكرة العدالة حلم راود بني الإنسان منذ بدء الخليقة، وقد سعوا جاهدين، خلال مسيرتهم الطويلة، لإقرار وتشكيل القواعد العامة لإرساء وترسيخ العدالة يحدوهم الأمل في ترويض أخيهم الإنسان (الأخ الذئب) لقبول فكرة الآخر والتعايش السلمي، إلا ان واقع الأمر أوجد كائنا آخر أكثر قوة وذكاء، يعتمد الحيلة والدهاء في بناء عالم شديد الغرابة مستغل ومنزوع الإرادة.
ولعل المتابع لما يجري على سطح كرتنا الأرضية المستباحة يأخذه العجب حين يطلع على واقع الحال الذي آلت إليه تلك الأحلام، فالأرض، مهد الإنسانية وموطنها الدائم، تعرضت لأضرار تفوق طاقتها وقدرتها لإنتاج المواد اللازمة لحياة البشر وذلك بفعل التعامل الخاطئ لبعض أبناء الإنسان، فإسراف فئة من البشر في استغلال ثرواتها الطبيعية بوتيرة غير مسبوقة يتعدى قدرة الارض على تجديد ثرواتها وإدامة مصادرها الحيوية، فالتلوث المائي الذي تسبب به بنو الانسان، على سبيل المثال، ادى الى افتقار حوالي مليار من البشر الى المياه النظيفة الصالحة للشرب، بينما يشرب 2.4 مليار شخص مياها غير صحية، ويعيشون في ظروف غير ملائمة، ويموت نحو 12 مليون شخص كل سنة بسب تلوث المياه، بينهم ثلاثة ملايين طفل يموتون بصورة ماساوية، ويعيش اربعة مليارات من الاشخاص بدون نظام صرف صحي سليم، واكثر من مليار يعيشون بلا كهرباء، كما يوجد اكثر من مليار شخص يعيشون باقل من دولار في اليوم، اضافة الى ملايين اخرى ممن يعيشون على حافة الفقرالمدقع.
تلك الارقام تعكس بعض الحقائق التي لا يمكن تجاهلها وهي مدونة في ملفات الامم المتحدة، وهنالك الكوارث الطبيعية التي تميز بين ضحاياها حيث ثبت ان الدول الغنية هي الاكثر صمودا امام قساوة الكوارث نظرا لتباين اسلوب تعامل حكوماتها ومدى استعدادها المسبق للحد من اثارها فور حدوثها فيما يسقط الفقراء ضحية لها.
ان خطر الكوارث على أرجاء بيتنا (الكرة الأرضية) في تزايد مستمر بسبب تصاعد الاحتباس الحراري وتدهور البيئة وسوء تخطيط المناطق الحضرية، كما اصبحت حياة ملايين البشر في خطر بسبب قلة تقييم المخاطر والكوارث الطبيعية، وندرة الإستعدادات الحقيقية لمواجهتها، لاسيما في الدول الفقيرة.
كان القرن العشرين قرن الثورة الذرية وما حملته هذه الثورة من فتوح علمية وعملية لاستخدام الطاقة النووية في الاغراض السلمية وما الحقته بالانسانية من دمار وكوارث زادت عما احدثه استخدام الاسلحة الكميائية في الحرب العالمية الثانية وما تركه من ضحايا ومشوهين وما كان من تصنيع وتخزين للاسلحة البيولوجية التي تنشر الاوبئة والامراض وتفتك بالانسان وباقي الكائنات الحية وتؤثر في البيئة الطبيعية تاثيرات سلبية لسنوات طويلة.
وكثيرا ما نسمع بانه سيتم نزع السلاح النووي وضبط التسليح واقامة مناطق خالية من اسلحة الدمار الشامل وبناء توازنات استراتيجية جديدة وايقاف السباق المحموم على حيازة هذه الاسلحة ولكن دون جدوى وذلك لفقدان الاجماع الدولي وعدم الانصياع للمعاهدات الدولية وهناك حاجة ملحة الى تفعيل وتقوية التعاون المتعدد الجوانب واعادة بعث الشعور بالمسؤولية الجماعية بين الحكومات حيال قضايا التوحد الى نزع السلاح النووي ومنع الانتشار في القرن الحادي والعشرين.
نحن في جماعة اين حقي العالمية، ومن خلال (عقدنا الكوني) ندعو منظمات المجتمع المدني العالمية المستقلة كافة للتضامن معنا في اعادة النظر فيما يجري على كرتنا الارضية الجميلة، وما يحيق بها من مخاطر واهوال، وما يتعرض له أبناء جنسنا البشري من حرمان واستباحة لحقوقهم الإنسانية والمدنية، معتمدين ديباجة الامم المتحدة: (فنحن شعوب الامم المتحدة نؤكد من جديد ايماننا) (بالحقوق الاساسية للانسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والامم كبيرها وصغيرها) من حقوق متساوية.
اجل نحن نعتقد أن الأمة الإنسانية أمة واحدة، ونعتقد أن المخاطر التي تواجهنا مخاطرواحدة، وأن الطريق الصحيح للحفاظ على هذه الأمة هو الدعوة للوحدة العالمية، اعني برلمانا عالميا يمثل أبناء الجنس البشري كافة، وحكومة فيدرالية عالمية لا تسيطرعليها أية قوة عرقية أو دينية أو مذهبية، توفرالسلام العالمي وتحمي جميع الافراد وتضمن حقوقهم ضمن الكيانات السياسية القائمة.

الجمعة، 22 مايو 2009

الصفحة الأولى


الصفحة الأولى

أ‌- مقدمة..للمناقشة

أحمد محمد أحمد

حرم أبناء الجنس البشري من عائدات الثروات الطبيعية المتوفرة في ظاهر وباطن بيتهم الكبير(الكوكب الأرضي) بعد أن كانت ملكيتها مشاعة بينهم بداية وجودهم بأعداد قليلة على هذا الكوكب، واعتمادهم على الوسائل البدائية في استغلالها كالصيد والقنص. لكن الأقوياء منهم راحوا يستعبدون الضعفاء بعد انتشار الزراعة والصناعة والتجارة، حيث ظهر استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ولثروات الطبيعة مع ظهور العبودية المبنية على أسس القوة الجسدية أو الاجتماعية.
واستمر هذا النهب والإستغلال، بصور شتى، على مدار التاريخ الإنساني، الذي أرخ لحروب القبائل والدول والإمبراطوريات وانتصاراتها وهزائمها وضحايا صراعاتها، وأشار إليه الفلاسفة والمصلحون والحكماء منذ أقدم العصور من خلال ما وصلنا من مدوناتهم وحلولهم لإقامة العدل والمساواة، وكان أغلبها خياليا غير قابل للتطبيق على أرض الواقع، ويجسد رغبة الجنس البشري في الإنعتاق من هذا الواقع الظالم.
وكانت محاولات أبناء هذا الجنس، بالبحث عن العدالة والمساواة تصطدم دائما بالمتنفذين الأقوياء من الحكام والأمراء والملوك، الذين كانوا يحسنون استغلال القوة البشرية لمحكوميهم والثروات الطبيعية المتوفرة في ممالكهم، ويعتبرونها ملكا شخصيا لهم ولسلالاتهم المزينة بهالات الرفعة والسمو والقداسة.
وظلت العلاقة بين الحاكم والمحكوم في معظم النظم البشرية قائمة على مبدأ ملكية الحاكم وحاشيته للثروات الطبيعية (الأرض الزراعية ومن عليها)، إلى أن حصلت الثورة الصناعية في الغرب الأوربي وأدت فيما أدت إليه الى ثورات فكرية واجتماعية وسياسية في أوربا وأمريكا ودول العالم المختلفة قلبت موازين العالم بأسره وأثرت في نظمه وأفكاره وتصوراته لكنها، وعلى الرغم مما حققته من إنجازات كبيرة، لم تتوصل للقضاء نهائيا على إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وسرقته لثروات الكوكب الأرضي المشاعة.
فالليبرالية الاقتصادية الأوربية أورثتنا النظام الرأسمالي العالمي، الذي تحول الى أكبر مستغل لثروات الطبيعة ومجهودات بني الإنسان في آن واحد تحت مسميات جميلة كالحرية والديمقراطية والعدل والمساواة، والاشتراكية المبنية على الأسس الماركسية المعاكسة، لم تفلح في التطبيق العملي، ولم يفلح معتقدوها ومطبقوها في تقديم أنموذج واقعي عادل قادر على البقاء والاستمرار، على الرغم مما حققته من تنوير وتثوير للطبقة العاملة.
وهكذا نجد اليوم، في الدول المتمدنة، فئة محدودة جدا من بني الإنسان تملك رأس المال وأدوات السلطة التي تمكنها من استغلال الثروات الطبيعية مع المجهودات البشرية وتحيى حياة باذخة مترفة، بينما نرى أغلبية مسحوقة محرومة لا تملك شيئا ولا تستطيع فعل شيء بسبب حرمانها من كل شيء، يبحث بعض أبنائها بين القمامة عن ما يسد به الرمق، فضلا عن الملايين الملايين، في الدول المتخلفة، من الذين يتضورون جوعا أو يموتون عطشا وإذلالا وقهرا!
وإذا كان هذا التفاوت الكبير لا يشكل خطرا مباشرا على وجود الجنس البشري ككل، فإن خطره البعيد قائم ودائم، فما فعلته هذه الفئة المحدودة من استغلال للطبيعة وعبث بديمومتها وقدرتها على التجدد، راح يشكل تهديدا جديا لأركان البيت الكبير وبيئته وصلاحيته للحياة، كما تشير إلى ذلك البحوث العلمية الرصينة المنشورة في مختلف المراكز المختصة! أما سلوكها الكوني الظالم في دعم الحكام الفاسدين الذين يسهرون على مصالحها، وإذلال الشعوب والأمم الراغبة في الإنعتاق، فيشكل قاعدة لانطلاق الإرهاب وأعمال العنف وسباق التسلح بالأسلحة الفتاكة، التي تعتبر خطرا حقيقيا على وجود الجنس البشري.
وإذا كان معظم أبناء الجنس البشري العاديين غافلين عن هذه المخاطر المحدقة بهم وبوجودهم على هذا الكوكب بسبب انشغالهم بتدبير أمور حياتهم الشخصية والعائلية، فإن على المثقفين والمتعلمين المدركين لهذه الأخطار أن يبادروا إلى فعل شيء منظم مؤثر منضبط مسؤول لتدارك الأمر وتغيير المسار المدمر الذي نتجه إليه جميعا، قبل فوات الأوان، وهي مهمة أخلاقية تشرف صاحبها وفق المقاييس والأعراف كافة.
ولعل أهم مزايا هذا الفعل المؤثر الذي ندعوا إليه أن يكون مدنيا سلميا بعيدا عن الطروحات الثورية المستهلكة، وأن يبدأ بانطلاقة إنسانية عالمية لا تحدها حدود الأعراق والأديان والمذاهب والأيدلوجيات والمعتقدات، وأن يكون إبداعيا خلاقا في طرحه للبدائل الممكنة التطبيق والقابلة للحياة.
ولعل أهم قضية يحسن التصدي لها قضية حرمان الأغلبية الساحقة من حقوقها التي أقرتها النخب الفكرية والسياسية والاجتماعية على مدار التاريخ الإنساني ككل، والمتمثلة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تلاه من اتفاقيات دولية ومعاهدات ووثائق..فأكثر من نصف سكان الأرض بلا مأوى لائق ولا طعام كاف ولا مياه صالحة للشرب ولا حقوق مدنية تشعرهم بكرامتهم الإنسانية، بل يعانون من الإذلال والقهر السياسي والاجتماعي.
وإذا كانت الكيانات السياسية، التي أنشأتنها الأمم والشعوب المختلفة،، قد عجزت لحد الآن عن تأمين الاحتياجات الأساسية لمواطنيها من المأكل والملبس والمأوى، على الرغم من لقائها في عصبة الأمم ومن اتحادها في الأمم المتحدة، كما عجزت عن إيجاد صيغة للتعاون الحقيقي فيما بينها لتوجيه حركة الجنس البشري باتجاه الأعمار والتنمية وإشاعة المحبة والسلام والاستقرار، فإن على المثقفين وناشطي المجتمع المدني والمسؤولين المدنيين كافة إيجاد رابطة عالمية لطرح أرائهم الحرة ومناقشة سبل إخراج هذا الجنس من المأزق الكبير الذي يعيش فيه....
نأمل أن تكون جماعتنا أول شمعة توقد على هذا الطريق

ب‌- مجموعة.. للعمل

كتب المفكرون والمصلحون والفلاسفة الأوائل أفكارهم ونظرياتهم وفلسفاتهم بمعزل عن بعضهم بعضا، إذ تعذر عليهم التواصل والتفاعل الحي فيما بينهم لما كان عليه حال العالم في الفترة التي عاشوا فيها، وصعوبة المواصلات والاتصالات وخطورتها في أغلب الأحيان، فضلا عن ندرة وسائل الطباعة والنشر في تلك الحقب والأزمان.
ومع ذلك حاول أكثرهم التحدث باسم الجنس البشري ككل، على الرغم من جهلهم بحدود الأرض التي تقلهم، وحدود (السماء) التي تظلهم، وجهلهم بعدد نظرائهم من أبناء نفس الجنس في المناطق البعيدة عنهم، وحاولوا التواصل مع من عاصروهم أو سبقوهم من المفكرين، إلا أن هذه المحاولات ظلت محصورة ضمن حدود الزمان والمكان والظروف الخاصة بكل واحد منهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما ترجمت الكتب الإغريقية واليونانية والفارسية في بغداد إلى لغة الحضارة الجديدة (العربية) كان كتاب ومؤلفو تلك الكتب والمؤلفات قد شبعوا موتا!! وحلت محل منطلقاتهم الفكرية والثقافية مستجدات ومستجدات!
وظل أبناء الجنس البشري يتوارثون الثقافات والأفكار والرؤى القديمة مهما كانت محدودية معارف مؤلفيها أو كتابها، جيلا بعد جيل حتى صارت جزءا مهما من الذاكرة الجمعية لكل شعب أو ملة أو مذهب، يعتز بها ويعلمها لأجياله الجديدة، ويعتبرها من المقدسات والثوابت، حتى وإن تقاطعت مع الحقائق والعلوم والثقافات الأخرى، وإن ملئت بالأقاويل والتصورات المشوهة عن الذات الوطنية أو القومية أو الدينية والمذهبية وعن الآخرالمخالف في العقيدة والعرق والثقافة.
غير أن الحروب في حالة العداء وتبادل السلع في حالة السلم غيرت قليلا من هذه الصورة القاتمة إلى أن حدث الانقلاب الصناعي والفكري في أوربا الغربية وترجم الغربيون ما نتج عن حضارة (بغداد الجديدة العربية الإسلامية) إلى لغاتهم، وفتحت الآفاق المغلقة أمام المفكرين والمصلحين، فصار ما يكتب في بريطانيا أو فرنسا وألمانيا يترجم إلى اللغات الأخرى ويقرأ في العوالم الأخرى قبل موت المؤلف أو الكاتب، فأفكار الثورة الفرنسية عصفت بالغرب الأوربي كله قبل انتقالها مع البحارة إلى القارة الأمريكية وبلدان الشرق البعيدة.
وعلى هذا المنوال سارت أفكار آدم سميث البريطاني وسرت أفكار كارل ماركس الألماني التي تحولت إلى التطبيق في روسيا القيصرية، وعلى هذا المنوال أيضا تجد شذرات وإشارات إلى القرآن الكريم والمبادئ الإسلامية في كتابات روسو وغوتة و دوستوفسكي وبوشكين وطاغور، مما يدلل على إطلاع هؤلاء على ثقافات غيرهم من الأمم والشعوب.
في القرن العشرين تمكن المفكرون والمصلحون من الإطلاع على ما كتب من تراث وتاريخ وفكر في ذاكرة كل شعب من الشعوب، بعد اتساع الترجمة والنشر وتطور صناعة الورق والطباعة والكتاب، كما تمكنت النخب الثقافية من التواصل والتفاعل، ولو بشكل محدود، من خلال البريد والبرق والهاتف والراديو وموجات الأثير والأقمار الصناعية.
لكن القرن الحادي والعشرين بدأ بثورة لا نظير لها أوسع مدى، وأكبر تأثيرا من كل ما سبق، فقد سهلت الشبكة المعلوماتية (الإنترنيت)، وما رافقها من برامج تتجدد كل يوم، على أبناء الجنس البشري أجمعين التواصل مع نظرائهم على سطح هذا الكوكب، ولو كان كل واحد منهم في ناحية قصية من نواحي الكون الكبير!
اليوم صار باستطاعتنا أن نتحاور ونتواصل كتابة وصوتا وصورة متحركة وكل واحد منا في مكانه، يقرأ أفكار الآخر ويحس بمعاناته، ويتفهم طروحاته، وهذا ما كان يعد ضربا من ضروب المستحيل إلى عهد قريب...
سقنا هذه المقدمة الطويلة لبيان أهمية المجوعة التي نزمع تشكيلها وضرورتها وريادتها لفعل إنساني خلاق جديد.. فلأول مرة تقوم نخبة من مثقفي العالم بكتابة كتاب واحد، يتناول اتفاقا مبدئيا على أهداف ووسائل عمل مشتركة واحدة، تخص الشأن الإنساني كله، وتنظر للجنس البشري كأمة واحدة تركب سفينة واحدة تتقاسمها القوميات والأديان والمذاهب.
هذه النخبة لا تطلق أصواتا في البرية، ولا تخاطب المجهول، ولا تفكر في الخيال والمستحيل، وإنما هي حياة واقعة ووجود حي وعمل تنويري لمستقبل أفضل..هذه النخبة ليست للتنظير والسفسطة، بل هي مجموعة عمل فكري قابل للتطبيق على الأرض في مشارقها ومغاربها..
نأمل أن تفتح الطريق أمام هذا الجنس العابث بحاضره ومستقبله لتغيير الحال والوصول إلى ما كان يعتبر من المحال



الهدف ..والوسيلة

الهدف البعيد:

التوصل من خلال الحوار والعمل معا إلى وضع قواعد عالمية جديدة أكثر عدلا:
أ‌- تنظم علاقات أبناء الجنس البشري، وتضمن حقوقهم الفردية والجماعية في الثروات الطبيعية الموجودة على هذا الكوكب، والتي ورد معظمها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات الدولية اللاحقة، أو تلك التي يتفق على إضافتها، على أن تراعى في هذه القواعد المحافظة على سلامة الكوكب الأرضي وقدراته على تأمين مستلزمات الحياة كافة لأجيال الجنس البشري اللاحقة.
ب‌- ويتم وضع هذه القواعد والإتفاق عليها بعيدا عن تأثيرات وضغوطات القوى السياسية والمالية المتصارعة على نهب ثروات هذا الكوكب وسلطاته المحلية والكونية، مهما اختلفت أسماؤها ومسمياتها وأغطيتها الجميلة.
ت‌- العمل على تحويل تلك القواعد التي يتفق عليها إلى دستور كوني شامل ومقبول من قبل الأمم والشعوب كافة، وانشاء منظمة عالمية، غير مسيسة، للعمل بروح الفريق الكوني لتطبيق هذا الدستور على هذا الكوكب..
خطة العمل:

مخاطبة النخب الفكرية والثقافية والقانونية وناشطي المجتمع المدني من أبناء الجنس البشري المستقلين كافة، وإشراك المستجيبين منهم في المجموعة الأولى الصغيرة كمؤسسين لا تابعين، على أن تتوفر في المشارك الأهلية والاستعداد الطوعي للعمل..
بعد الحصول على دعم وتأييد مجموعة من النخب المستقلة الممثلة لما لا يقل عن خمس قوميات مختلفة، يصار إلى الدعوة لعقد اجتماع تأسيسي أولي، تدعى إليه الأمم المتحدة ومؤسساتها ذات العلاقة، في أي دولة تضيفه، ويصار إلى الاتفاق على صيغة البيان التأسيسي والنظام الداخلي، كما ينتخب المجتمعون هيئة متابعة تواصل العمل لتهيئة الأجواء لعقد مؤتمر تأسيسي عالمي يجتمع فيه ممثلون لنصف أبناء الجنس البشري على أقل تقدير.
الوسيلة

أ‌- البريد الألكتروني:
• المدونة الحالية (جماعة أين حقي العالمية) أو مدونة (العقد الكوني) هي ساحة الحوار الأولي ومكان التعارف وتبادل الأفكار والاقتراحات والملاحظات، أما المدونات الأخرى للمشاركين فستكون وسائل تعريف ونشر وتعزيز للفكرة..
• يلتزم المشرفون على هذه المدونة بنشر كل ما يردهم من آراء وملاحظات واقتراحات، حتى وإن تعارضت مع ما يطرحونه أو يعتقدون به، شريطة تعهد أصحاب هذه الآراء بالالتزام مسبقا بها، والعمل على تطوير المدونة والمجموعة إلى موقع مستقل، تبقى المدونات والمجموعات على ارتباط وثيق به.
ب‌- الحوار المباشر:
تعتمد المجموعة على وسائل الحوار والاتصال المباشر، بين المشاركين، كلما أمكن ذلك. كما تنظم اللقاءات والإجتماعات التمهيدية وتبادل وجهات النظر، أينما أمكن ذلك.
أسئلة المدونة..
أ‌- هل يمكن اعتبار أبناء الجنس البشري كافة أمة واحدة؟
ب‌- ماهي الأخطار التي تهدد هذه الأمة؟
ت‌- ماهي الوساتئل الممكنة لمجابهة هذه الأخطار؟

الثلاثاء، 12 مايو 2009

الكاتب علاء الدين المدرس/2/


بارك الله في جهدك الحثيث والجاد من أجل ثقافة هادفة
ووعي حضاري بواقع الأمة وما تمر به من تحديات
لقد كتبت لك تعقيباً على المقال الثاني وأتمنى أن اسمع تعقيبك على التعقيبين
لعلي أفرطت في تصوير حالة الشر والظلم المستشري والتآمر، المحيطة بنا
الى درجة أن أتهم بمعاداة الغرب وبرنامجه الاستعماري التسلطي
وبنظرية المؤامرة التي تضخم أحيانا لتشمل كل من يعادي البرنامج المعد لتكبيلنا
والتي تستخدم عادة كعذر وتهمة جاهزة للتشكيك بمن يحاول فضح النوايا الاستعمارية
ومحاولات الغزو الفكري والثقافي الغربي بجناحيه التوراتي والاغريقي المادي.
التاريخ والسياسة ليست مؤامرة مدبرة، ولكن التآمر موجود فيهما وهناك فرق بين الفكرتين.
المهم أحب أن أسمع رأيك في موضوعة الانحياز لأي المعسكرين
معسكر العدل والحق ومعسكر الظلم والباطل.. منذ عصر هابيل وقابيل والى اليوم.
مع الود
ابو عامر/الكاتب علاء الدين المدرس
Ala Almudarris"
تعقيب على مقال: مجموعة العمل
أن أشرف الأماني وأنبل الغايات والأهداف التي نرجوها ونعمل من أجلها – من وجهة نظري المتواضعة - هو اكتشاف السبيل الأصوب للاحساس بالجمال والسعادة الحقة، التي افتقدها الكثير من الناس اليوم، لاسيما من غرق في بحار المادة وبعدها القاصر وتاه في مسالك الدوران حول الذات وثقافة البحث عن الملذات والغرائز، ومن أصيب بفتنة العصبية والعنصرية أو مسخ في مستنقع الرقمية واللاانتمائية البهيمية، وهم – للأسف - يشكلون النسبة الاعظم في عصر العولمة الذي نشهده، رغم ما فيه من انقلاب معرفي كوني وثورة كبرى في تقنية المعلومات والاتصالات.
ولعلي أزعم بأني أضع يدي على الجرح النازف لكل انسان حر يعاني اليوم من وطئ الظرف القاسي من جهتيه المادية والمعنوية، وأقول ان خير بلسم لكل مشاعر البؤس والقهر والاحباط والظلم هي الكلمة المضيئة. الكلمة التي كانت هي البداية في حضارة الانسان منذ عصر أبينا آدم، وبمعنى أعم الثقافة الهادفة والكلمة الطيبة التي تنير الطريق للأجيال وتعالج الفتن والأزمات، ولعل آخرها افرازات التأزم العولمي بعد الحروب والصراعات الكبرى التي ميزت القرن الماضي. تلك الفتن المظلمة والأزمات الخانقة التي نكاد اليوم أن نغرق فيها. ولا شك أن الكلمة ستكون سلاحاً ماضياً وقدراً فاعلاً في يد مجموعة العمل المقترحة، اذا ما توفرت لها الرؤية والرسالة والهدف الأكبر الذي تبغي تحقيقه، والا اتهمت تلك المجموعة الخيرة، بالعبثيّة والسفسطة واللاأدريّة والترفيّة، وأصبحت الثقافة التي نبشّر بها ونرفع لافتاتها، هي ثقافة من أجل الثقافة ليس الا، وليس في ذلك أي ميزة تميزنا وقدرة حقيقية تدفعنا للتغيير الإيجابي وكذلك تلهب فينا صفة الاحساس بالجمال والسعادة والثقة بالمستقبل، وأداء الدور المنتظر لذلك التغيير وانضاج الوعي الثقافي ومعرفة الحقوق والواجبات والمطالبة بكل حق مسلوب.
نعم يا صديقي كما قلت لك، لا ينبغي أن تكون مثالياً وتغرق في الخيالية، وتتصور أن البشرية هي كائنٌ حي واحد ومعسكرٌ واحد.. ولذلك لابد أن تنتمي تلك المجموعة الخيرة التي تريد أن تشمّر سواعد العمل الجاد - في نظري - الى الرؤية الصادقة والرسالة الخالدة والأهداف النبيلة، في مقابل الرؤية الضيقة المتغطرسة والرسالة الخاصة المنحازة والأهداف الشريرة التي تبرر الوسائل القذرة والتجاوز على حقوق الأفراد والأمم، والتي تسعى لتطبيق استراتيجيتها بالاستعانة بقانون القوة وشريعة الغاب، وتحاول نشر نفوذها وسطوتها على الأرض وفق فلسفة القوة الغاشمة والاستحواذ والهيمنة، مستثمرة بريق الحداثة والعلمنة والعولمة الأخاذ.
فاذا ما اتفقت تلك المجموعة - بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق - على الانتماء الى الحق والعدل والجمال والأخلاق النبيلة، فيمكن أن تقدم شيئاً جديداً وحلاً ناجعاً للبشرية وما تعانيه من ظلم وجور وعدوان، بعدما أصبحت اليوم الإمكانات التقنية الهائلة متاحة للجميع، فليس من الحكمة أن يترك الاعلام وماكنته العملاقة وسلطته الشاملة بيد قوى الشر والاحتكار، ولا أن تترك الموارد والقدرات البشرية والطبيعية، بدءاً من الطفل في يومه الأول، ومن أول برميل من النفط يسرق (على عينك يا تاجر) وأمام أعين أصحابه ومالكيه من الشعوب المستضعفة المنهوبة في شرقنا الجريح، بيد طغمة تريليونية ظالمة تقوم على النهب وأكل السحت والربا..
لا يستقيم الحال مع كل تلك المآسي التي نراها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعاصرة، أن تطلب منا في نهاية المطاف، أن نتحدث بمنطق صاحب الحق الضعيف الواهن، وجعل الخطاب الاعلامي يغلب عليه استرضاء الطغاة الظالمين لكي يعطفوا على المستضعفين المظلومين، وكذلك الكلام بطريقة ملائكية مسالمة وسلبية، مستسلمين للثعالب والأفاعي والعقارب والذئاب، تنهش لحم الأيتام والأرامل والمستضعفين، وندعي بعدها بأننا يمكن أن نكون حماة الديار والأوطان والمستضعفين في الأرض. ينبغي أن يكون شعارنا: لست بالخب ولا الخب يغلبني.
انها ليست دعوة للتمرد والثورة المسلحة على الظلم والظالمين والغَدَرَة، الذين يقتلون الناس على الهوية والاسم والعرق والدين، ويشكّلون فرق الموت والعمليات القذرة، ويصنعون الجريمة المنظمة بكل أشكالها العفنة الآثمة، التي كادت أن تزكم أنوفنا منذ شهدنا أولى سني القرن الحالي والألفية الجديدة، ولكنها دعوة صادقة لاكتشاف الذات والعقل الجمعي، وما نملكه من ثقافة مشتركة وتراث زاخر ومتراكم، لقوى الخير والعدل والحرية عبر التاريخ، والعودة بنا للثوابت الأخلاقية والفطرة السوية، والاحساس بالدور الانساني الفاعل على الأرض، لكي تقاوم بكل السبل والوسائل المتاحة، تلك الهجمة الشرسة على الانسان من قبل أخيه الانسان، والتي استعرت وتزايدت وتيرتها منذ مطلع القرن الحالي، ولا زال أوارها في استعار، حين ذاك فقط يمكن أن تتشكل مجموعة العمل المتماسكة في الرؤية والرسالة والأهداف، يربطها الاحساس بالجمال الحقيقي وكمّ المشتركات الذي يؤطر وجودها، وكمّ المعانات والمخاطر الذي يحيق بها ويحيط بحياتها المعاصرة من كل صوب.
لقد يسر الله لي في الغربة وما قبلها في السنين الأخيرة، أن كتبت كتباً عديدة في هذا الميدان الهام، بغية توحيد الجهود وايجاد فريق العمل المتكامل والمنتظر، وحاولت فيها أن أجسّد تلك المباديء والقواعد والمعايير، التي قد تساهم في خلق مجموعة العمل المقترحة، وربما تصلح أن تكون جزءاً من ورقة عمل عامة للمجموعة المقترحة. تؤطر لها الاستراتيجية والآليات وأهم المشتركات التي تجمع العاملين، وكذلك تعمل على خلق روح فريق العمل الذي افتقدناه، بينما هي – أي روح فريق العمل - أهم ما يميز خصومنا في المعسكر الآخر. كل ذلك قد تم صياغته أو محاولة استلهامه، وفق منهجية الوحدة والتوحيد وتحالف الحضارات (أو منتدى الحضارات) والنظرة الوسطية والدعوة للالتفاف حول المشتركات الفكرية في التراث والتاريخ البشري، ومن تلك العناوين التي أعتز بها وأضعها بين يدي فريق العمل، والتي نشرت مؤخراً:
1- لافتات مضيئة في عصر العولمة، مجلد في 600 صفحة ط. عمان 2009م.
2- القرآن يقوم وحده.. مجموعة قصص عن اسلام عظماء الغرب 2009م.
3- عولمة اللغة والتاريخ، مجلد في 400 صفحة، ط. عمان 2008م.
4- الانتماء الحضاري والهوية الثقافية أو الاسلام العربي، ط. دمشق 2008م.
5- النسب والمصاهرة بين أهل البيت والصحابة، ط. بغداد، عمان، الدوحة، القاهرة.
6- الوسطية والاعتدال في التراث والتاريخ الاسلامي، 600 ص ط. دمشق 2009م.
7- ثقافة الوسط، بحوث في التاريخ والحضارة والتراث، مجلد500 ص، ط. عمان.
الكاتب علاء الدين المدرس

الكاتب علاء الدين المدرس




الأخ الحبيب أبو عمار رعاه الله
الأمين العام لمنظمة أين حقي المحترمة

قرأت مقالكم الكريم وكتبت لكم تعقيبا عليه
مرفق التعقيب ومقال عن حضارة واسب كنت قد كتبته قبل شهرين تقريبا
أرجو أن يعجبكم وأنت مخول أن تنشر ما تراه مفيدا في الصحف العراقية
أو في مدونة منظمة أين حقي الكريمة
.
الكاتب علاء الدين المدرس
Ala Almudarris" alamudars@yahoo.com
تعقيب على مقال: مقدمة للمناقشة
للكاتب أحمد محمد أحمد الأمين العام لمنظمة أين حقي

لقد وضع مقال مقدمة للمناقشة النقاط على الحروف الذهبية والمضيئة، لاستنهاض الهمم للدفاع عن الانسان المستضعف في الأرض، ومحاولة اعادة حقوقه الطبيعية اليه، بعدما تجاوز عليها الطغاة والظلمة وأكلة السحت منذ فجر التاريخ وحتى الساعة، وفي كل الأرض دون أن نستثني بلداً أو سلطة أو شريعة وقانون.
ونحن اذ عرفنا الكاتب وجمعيته النبيلة منذ سنين طويلة ثابتاً على العهد في دفاعه عن المستضعفين والمطالبة باستعادة حقوقهم، وقرأنا المقال المذكور أدناه، نشد على عضده ونؤكد مطالبه الشرعية والأخلاقية والقانونية، والتي تشمل الأغلبية الصامتة من المجتمعات البشرية على ظهر البسيطة، ومنها المجتمع العربي، الذي ما زال يئن تحت نير الظلم والتخلف والحقوق السلوبة منذ قرون عديدة، وتحديداً بعد أن غُلِبَ على أمره ونحيت قيادته للحضارة وهمشت راية القرآن وحضارته، التي طالما دعت لنشر العدل والحق والخير والسلام، بدل راية الظلم والسحت والتزييف والاستعمار وأكل حقوق الانسان (أي انسان على كل بقعة من الأرض) وفق منهجية حضارة الشيطان الميكافيلية البراكماتية المادية التي سار عليها الغرب المنحاز منذ عصر النهضة قبل خمسة قرون وحتى الآن.
والملاحظة الوحيدة التي بودي أن الفت نظر كاتب المقال اليها، هي ضرورة أن نميز بين ثقافتين، حين نطالب باستعادة حقوق الأغلبية الصامتة للانسان على الأرض، تلك الأغلبية المغلوبة على أمرها، والمنهوكة والمستنزفة في البحث عن رغيف الخبز في اطار العزة والكرامة التي شرفها الله بها حين كرم بني آدم كافة بالارادة والحرية والعيش الكريم. تلك الفئة المظلومة والتي تشكل الأكثرية بين بني البشر، كانت غالباً مقنعة ومكفوفة الأعين عما يدبر لها في الظلام من سياسات وخطط خبيثة ومستغلة ومؤامرات دفينة ، للاستيلاء على حقوقها الطبيعية للعيش بكرامة وعز وتوفير القدرة الذاتية على بناء الجيل وصيانته من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والبتبعية والاستضعاف، فيما يمثل الحد الأدنى للحاجة البشرية من الثروة الهائلة التي تكتنزها أرضنا الحبيبة. تلك هي الطغمة الترليونية العابرة للقارات في بنيانها العملاق الذي أسسته العقول المستغلة والمستعمرة للأرض وما فيها، بمختلف وسائل التجهيل والدجل واستغلال المال والاعلام وتسخير ملف المرأة المسلعة، لتشكيل العقل البشري الجمعي بما يتوافق مع الهيكلية الرأسمالية الامبريالية، التي تخدم مصالح فئة محدودة من الناس من أصحاب المليارات والذهب الأصفر والأسود، مما أدى بالنتيجة وبعد عقود من الظلم والاستغلال وتجمع تداول المال في أيدي تلك الحفنة الظالمة المهيمنة في حضارة واسب الغربيةWASB (أي حضارة الرجل الأبيض الأنكلوسكسوني البروتستاني الذي يطمع بقيادة العالم والهيمنة على مقدرات الأرض باسم العولمة المادية والأمركة المنحازة).
أقول علينا أن نقف في ظل احدى الثقافتين – انتماءا وتصورا - لكي نعلم على أي أرض نحن ولكي نطالب بحق بحقوق الانسان المستضعف المستنزف، ولكي نعبئ هؤلاء الناس ليقولوا بقوة وعزم: أين حقي؟.. لكل ذلك لابد أن نفرق بين ثقافتين وعالمين:
ثقافة النور وثقافة الظلام أو ثقافة الحق وثقافة الباطل.
ثقافة التوافق والانسجام مع الطبيعة المسخرة لنا وبين ثقافة الصراع مع الطبيعة والسيطرة عليها.
ثقافة حوار الحضارات وتحالفها وتعارفها، وبين ثقافة صدام الحضارت التي جاء بها صموئيل هنتكتون في كتابه الشهير (صدام الحضارات).
ثقافة السلام والسكينة مع كل ما حولنا من عوالم ودول وتيارات وأمم، وبين ثقافة الحرب والتدمير للآخر مهما كان نوعه وجنسه وثقافته.
ثقافة منتدى الحضارات وتفاعلها وثقافة وحدة الحضارة والتاريخ البشري المتراكم منذ فجر التاريخ الانساني، وبين ثقافة نهاية التاريخ وفرض الأمركة والعولمة المادية التي قال بها فرنسيس فوكوياما في كتابه ( نهاية التاريخ).
ثقافة العودة للفطرة السوية والطبيعة المسخرة، وبين ثقافة الفوضى الخلاقة التي قال بها بريجنسكي وكوندا ليسا رايس وغيرهما.
ثقافة العلم والايمان والأخوة والتسامح والصدق والاعلام الهادف العفيف، وبين ثقافة الغاية تبرر الواسطة والنفاق السياسي والتجاري الذي جاء به ميكافيلي وماركس ودور كايم وفرويد، وكانوا بناة العقل الغربي الحديث، وكذلك الاعلام الهابط المفسد والذي يسلع المرأة ويدعو للمتاجرة بجسدها وبغرائز الانسان، ليمسخ الفطرة والقلب والعقل، كما قال المفكر الاسلامي د. علي شريعتي: ثلاثة تمسخ الانسان: الفقر والجهل والنفعية، وكذلك الاعلام المسيس الموجه لخدمة حضارة واسب الظلامية المغرورة المتغطرسة، التي تجهّل الانسان بحقه في الحياة والكرامة وتوزيع الثروة وفق مبدأ العدالة الاجتماعية، التي تدعو لها كافة الشرائع والأديان والحضارات الانسانية المشرقة.
ينبغي –اذن- أن نميز بين حضارة واسب الغربية المادية وما ولّدت من كوارث وحروب وصراعات مدمرة، رغم التقدم العلمي والتقني الذي صاحبها، والذي ورثته من الحضارات البشرية السابقة، كحضارة الأندلس وبغداد ومصر وبابل، وما ورثته البشرية من حكمة الصين والهند، وبين حضارة العدل والخير والحرية الحقة، حضارة القرآن، التي أراد الله لها أن تكون الرسالة الخاتمة لترشد الانسان الى سبيل العلم والايمان واستخلاف الأرض واكتشاف مكنوناتها وتوزيع ثرواتها وفق ميزان العدل الذي لا يحيد ولا ينحاز. والذي يأمر بالقسط والعدل بين كل البشر، فلا يمتاز الشريف عن الوضيع ولا الغني عن الفقير، فيحارب الفساد والظلم والسرقة والتزييف وأكل المال بالباطل وكل مظهر من مظاهر الفساد التي شاعت في حضارة اليوم، بينما أرسى الله ورسوله قواعد العدل والحق وكفالة اليتيم والفقير والمسكين قبل أربعة عشر قرنا من الزمان. قال تعالى: ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.
وقال نبي الهدى والرحمة المهداة، حين علم بأن ربيبه أسامة يشفع لسارق من أشراف قريش: أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟.. والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها.
هكذا يتضح الأمر ونعلم كيف ندافع عن حقوقنا وعن دورنا الانساني الذي شرفنا الله سبحانه به، لنكون خلائف في الأرض وسخر لنا كل ما في الكون، لينظر كيف نتصرف في ملك الله ونعمه وثرواته، بالحق أم بالباطل..
حين ذاك سيدرك كل انسان دوره وحقه ويصيح بوجه الظالم: أين حقي؟..
الكاتب علاء الدين المدرس
11/ 5/ 2009م